تركز هذه المقالة على الأبعاد الخفية لتعامل مركز التداول مع شركة ECN -Currenex. الكثيرون لديهم فكرة عامة، البعض تعمق في الدراسة، في حين أن هناك تفاصيل دقيقة لا يمكن رؤيتها إلا من الداخل. شركة الباري قطعت المشوار بكامله من مرحلة التسجيل إلى مرحلة تشغيل نظام العمل عن طريق Prime Brokerage و ECN.
دعونا نبدأ عن طريق تقديم اللاعبين الرئيسيين المشكلين محور النقاش في هذه المقالة.
تأسست شركة الباري عام 1998 و هي اليوم من الشركات الرائدة التي تقدم خدمات التداول عبر الانترنيت في روسيا و خارجها. عام 2006 بدأت الشركة توسعها الدولي و حينها حصلت على ترخيص FSA (هيئة الخدمات المالية) على شركة الباري UK، عام 2007 حصلت على ترخيص NFA (جمعية الوطنية للعقود الآجلة) على شركة الباري (US)، بعدها تم إفتتاح المكتب في شنهاي (الصين)، دبي (الإمارات العربية المتحدة) وفي المراكز المالية الكبرى الأخرى في أنحاء العالم.
Currenex — أكبر نظام تداول الكتروني، و هي بلا شك الشركة الرائدة عالمياً في تقديم الخدمات المالية للمؤسسات الاستثمارية. و كذلك المشاركون هم البنوك الذين يقومون بدور الوسيط الرئيس و البنوك مذودي السيولة و لكن لن نتطرق إليهم.
Prime brokerage
دعونا نبدأ الحديث عن نموذج عمل Prime brokerage الذي سوف نحتاجه لاحقا. كيف كان يتم تحويط عملاء الباري في السابق؟ كنا نفتح حسابات عادتاً في شركات أكبر، نودع الأموال، و في وقت التحويط نختار السعر الأفضل و بالتالي نيبع أو نشتري. هكذا نموذج يحمل في طياته العديد من النواقص. بدايةً علينا فتح حسابات عديدة، الأمر ليس بالصعب. بعدها يتطلب علينا إداع الأموال الأمر هنا أصعب حيث لا نستطيع مسبقا المعرفة ما هي أحجام التداول في الشركات. بطبيعة الحال نستطيع أن نحول الأموال بين الشركات و لكن الأمر سيأخذ وقت و مجهود و عمولة و الأهم، هو حرماننا من الإستجابة السريعة اللتي تلبع الدور الأهم في التحويط. العيب المهم هو أنه حين نفتح مركز في شركة ما بالسعر الأحسن في وقته يتوجب علينا إغلاق المركز بالشركة نفسها لكن ليس بالسعر الأحسن بل بالسعر وقت الإغلاق.
الإقتصاديين الغربيين ذهبوا قدما و قدموا لنا نموذجا سموه Prime brokerage و Liquidity providers فحواه سنشرحه على مثال الباري (UK). فلنفترض إنه يوجد بنك (وسيط رئيسي) عادتاً يكون من البنوك الضخمة (تصنيفه عالميا أول عشرة-عشرين) أحيانا يكون من البنوك الدرجة الثانية. شركة الباري تلجئ للبنك لفتح حساب Prime brokerage بدوره البنك يبادر بطرح اسئلة كثيرة أولهم عن الترخيص.Alpari (UK) و Alpari (US) لديهم تراخيص FSA و NFA. بطبيعة الحال التراخيص الصادرة من الجزر الصغير و المصادر غير الموثوقة لا تأخذ بعين الإعتبار. إنه الحاجز الأول، ليست أي شركة بمقدورها إجتيازه. بعدها البنك يطرح اسئلة حول الحجم التداول المتوقع، لأن البنوك لا ترغب بأطلاق عملية فتح الحساب إذا لم يحصلوا على عموله جيدة. لذا الشركات ذات الحجم التداول الصغير إما يتم رفضهم فوراً أو لاحقاً عندما لا يحققون مستوى التوقعات من حيث حجم التداول. بالتالي لتجاوز الحاجز الثاني على الشركة أن تمتلك قاعدة عملاء بمقدورها أن تأمن في المستقبل حجم تداول كافي الذي عادتاً يقدر بلملياردات شهريا.
الحاجز الثالث يكمن في توفير السيولة كافية التي بعد فتح الحساب تذهب إلى تغطية الهامش. البنوك تقدم لعملائهم رافعة مالية كبيرة ولكن السوق لا يمكن التنبؤ به، قد يحصل أي شيئ. لذا البنوك للحد من المخاطر يفحصون بدقة الوضع المالي للشركة. نؤكد إنه للإمتثال لمتطلبات البنك على الشركة أن تملك قدر كافي من السيولة الخاصة التي تتكون من أصول الشركة ناقص أموال العملاء. عادتاً يتراوح المبلغ بين 10-20 مليون USD. بالإضافة إلى ذلك، البنوك تقوم بإجراء مراجعة لإدارة المخاطر للشركة. فحوى هذه المراجعة، إن إختصاصيون من البنك يزورون الشركة و يطرحون الكثير من الأسئلة: كيف تراقب الشركة مخاطر العملات الإجنبية و ما شابه ذلك. البنوك تريد أن تكون واثقة من إن إدارة المخاطر تدار بالشكل الأصح و في حال "أكل" السوق كل الضمان، فسيكون لدى الشركة ما يُأخذ منها. بهاذا الشكل هم يراقبون الوضع المالي للشركة على اساس دوري.
نوضح نموذج Prime brokerage على المخطط 1.
الباري(UK) يتعاقد مع بنك لفتح حساب Prime brokerage، الضمان يجب أن لا ينخفض تحت 10 مليون دولار،أما البنك (Prime broker) يتيح لنا أن نضيف أي بنك، طبعاً ما عدا الصغار منهم الذين لن يتعامل معهم.
أما بعد فنقول للبنك (Prime broker) إننا نريد أن نتداول من خلال بنكين: سويسري(بنك 1) و أميركي (بنك 2). بعدها يتم توقيع عقد ثلاثي بين الباري و Prime broker و (البنك 1) و كذلك بين الباري و Prime broker و(البنك 2). في النتيجة إننا نحصل من (بنك 1) و (بنك 2) إمكانية الوصول إلى المنصة (إذا أردنا التداول يدويا) أو API (أذا أردنا التداول عبر البرامج).
كيف إذاً تعقد الصفقة؟ الباري يرى السعر الأفضل في (البنك 2)، يرسل طلب شراء (request)، مثلا 10 ملايين دولار يورو. (البنك 2) يتأكد من وجود عقد ثلاثي و يرسل للشركة trade confirmation. ما إن حصلت على الموافقة، الباري ترسل تقريرمفصل عن هذه الصفقة لـ Prime broker (give up). (البنك 2)، بعد إرسال الموافقة للباري يرسل تقرير (give up) إلى Prime broker. Prime broker عند إستلام التقريرين يطابقهما في حال التطابق يٌعتبر أن الصفقة قد تمت. و يظهر المركز على حساب الباري عند Prime broker. قسم من الأموال تحتجر برهن الهامش.
عند إغلاق المركز، السعر الأفضل في (البنك 1). الباري يرسل طلب شراء إلى (البنك 1) الذي بدوره يوافق عليه و يرسل آليا (give up) إلى Prime broker. الباري أيضا يرسل (give up) إلى (Pb) Prime broker. في Prime broker يطابقون البيانات و في حال تطابقها و يمررون عقد شراء 10 مليون يورو دولار. فعلياً عند فتح المركز(العقد) الباري إشترى من Prime broker و ليس من (البنك 2)، في الوقت ذاته Prime broker إشترى من (البنك 2) و باع الباري. عند إغلاق المركز يحصل المثل لكن مع (البنك 1).
ماذا يعطي هكذا نموذج للأطراف المشتركة؟ Pb في هذه الصفقة تكسب العمولة، قيمة العمولة مرتبطة بعدة عوامل، منها حجم التداول للشركات، و كذالك يحصلون على الإداعات من الشركات، التي يمكن إستعمالها لجني الأرباح. الباري بدوره يحصل على إمكانية التعامل مع عدة بنوك، مودعا السيولة في مكان واحد و عدم الإنشغال بتحويلها بين البنوك و كذالك إمكانية فتح و إغلاق المراكز في عدة بنوك. الباري بإمكانه أيضا عقد الصفقات مع (Pb) بدون عمولة. البنك 1 و البنك 2 يحصلون على حجم تداول من Pb، غير متحملين مخاطر الديون، لأنهم يتعاملون مع بنك كبير (Pb).
إذاً، هذا النموذج هو الأفضل لأي شركة، بشرط إنها قادرة أن تتحمل عبق التراخيص، تأمين السيولة، حجوم التداول و المتطلبات الأخرى.
Currenex
الآن لنرى، ما هو Currenex.
أغلبية الناس لا يعرفون ما هو Currenex، البعض يظنون إنها بورصة. في الواقع Currenex ــ هو عبارة عن مذود تكنولوجيا (technology provider). هم أسسوا نظام جيد لتنظيم (ECN, Electronic Communication Network)، و يأجرون نظامهم للأطراف المشاركة.
لنفصل نموذج العمل. مثلا، Alpari (UK) أمّنت و إجتازات كل المتطلبات و الفحوصات Currenex، و تم توقيع عقد بينهما. الخطوة التالية ــ نخبر Currenex من هو Pb لدينا. بعدها نخبر Pb، إنه سيتم الإتصال بهم من قبل Currenex. بعدها Currenex تتواصل مع Pb و تأمن لهم ما يتطلب لتنظيم العمل الآلي لإرسال التقارير عن الصفقات (give up). نرسل قائمة البنوك التي سترسل لنا مؤشراتها لـ Pb و Currenex و بهذا الشكل قمنا بتوصيل البنوك ــ مأمني السيولة.
مبدأ عمل النموذج موضح على الرسم 2.
عبر الـFIX بروتوكول البنوك ترسل مؤشراتها إلى النظام، التي تتكون من عدة تسعيرات تتناسب مع الحجم. تسمى هذه المؤشرات بالأشرطة (bands).
يتم ذلك على النحو التالي: (البنك 1) يبدي إستعداده شراء من 0 إلى 1 مليون يورو دولار بسعر 1.5000 و يبيع بسعر 1.5001 . من 3 إلى 10 مليون بسعر 1.4999 و 1.5002 ، أما من 3 إلى 10 مليون بسعر 1.4999 و 1.5003 . أي أن البنك يعطي لنا مؤشرات، مؤلفة من أشرطة، أما السعر فهو متعلق بالحجم. هنا تكمن المفارقة في الأسواق المالية. في الأسواق العادية كلما زاد الحجم (الكمية) إنخفض السعر (سعر الجملة). أما هنا فالعكس بالعكس كلما زاد الحجم إرتفع السعر. هذا مرتبط بسهولة التعويض الداخلي في البنك للحجوم الصغيرة من غير اللجوء إلى الإخراج، و بالتالي كلما كان الحجم أكبر كما زادت المخاطر بالنسبة للبنك، الذي سيطر أن يوزع الحجم، مثلاً، على البنوك الأخرى. العملية يترتب عليها تكلفة، إضافةً عملية الإخراج، قد تدفع سعر السوق بعكس البنك. من هذا المنطق يأخذ السعر الأعلى أي أن مبدأ عمل الوسطاء و البنوك الكبير متشابه، الفرق يكمن في حدود المخاطرة. لهذه الأسباب عند الوسطاء مع إزدياد الحجم يكبر السبريد و يسوء التنفيذ. تجدر الإشارة إلى إنه في حال لم يزد السبريد مع إرتفاع الحجم و التنفيذ لم يسوء فهذا يدل على أن الوسيط لا يعمل بشروط السوق أو لم يتحوط، الأمر الذي غالباً يؤدي إلى الإفلاس أو عدم دفع المسحقات للعملاء. لكن هذا ليس موضوع المقالتنا.
على النحو التالي: Currenex يشكل عمق السوق (Market depth) :
كما نرى كلما إزادت البنوك الموصولة، كانت الأسعار أفضل و كذالك السيولة.
الشركة التي تعتمد هكذا نموذج للعمل، تدفع عموملة متألفة من : عمولة Prime broker و عمولة Currenex. كما أشرنا سابقاً، كلما زاد حجم التدوال،كلما قلت العمولة. أخر المطاف العمولة تدفع من قبل عملاء الشركة. عملاء الشركة يدفعون عمولة زائدة كونهم لا يستطعون تأمين أحجام تداول و لكن هذا يعوض بصغر السبريد. الشركة بدورها تدفع عمولة قليلة كون حجم تدولها يتألف من مجموع أحجام تداول العملاء. هكذا يتكون الفرق الذي يشكل أرباح الشركة التي تستخدم هذا النموذج. على الرغم من إن قيمة العمولة قليلة لكن عندما تكون أحجام التداول كبيرة جداً فإنها تكون مبلغ ضخم. إذا من مصلحة الشركة زيادة حجم التداول، بالتالي من مصلحتها أن يتداول العملاء بشكل مستمر و ناجح و أن يزيدو من حجم تداولهم. إنه حافظ لتحسين مستوى شروط التداول. لهذا السبب الشركة تعطي ميزات خاصة لأصحاب الودائع الكبيرة كتخفيض العمولة مثلاً. في النتيجة الشركة و العملاء مهتمون لنفس الأمر ما يشكل دافع قوي لتطوير عمل الشركة بهكذا نموذج، لأنه مستقبل الشركة. النماذج القديمة تدريجاً ستفنى. شركة الباري تفهم هذا الأمر لذا تذهب قدما مع التطور.
بلا شك، العمل بواسطة نموذج Prime broker و ECN، مفيد و مريح للوسيط كما للعميل. حيث لا يوجد تضارب مصالح وتوجد كل اللوازم و المواصفات للتداول عالي الجودة، مثل الهوامش الضيقة، كثرة السيولة، التنفيذ الفوري، الموثوقية و سهولة الإستعمال.
العميل يحصل على شروط تداول مثالية، أما الوسيط - فلا يضيع وقته بالتحويط اليدوي و متابعة كمية كبيرة من الحسابات للعملاء عند الشركات الأخرى.
من الواضح، إنه ليس أي شركة بإستطعتها تأمين الشروط لتنظيم العمل بهذا النموذج، إذ يتوجب عليها تأمين الترخيص، سيولة خاصة كبيرة، قاعدة عملاء كبيرة بمقدورها تأمين أحجام تدوال شهرية كبيرة. لهذا السبب في قائمة شركاء Currenex لا توجد شركات كثيرة، أما أغلبية الشركات في السوق فلا تحظى بأقل الحظوظ لتكون هناك. يوجد وسيلة أخرى لتفعيل العمل عن طريق ECN، حيث يتم التوصيل بنموذج sub white label و تقديم الخدمات للعملاء (ECN) عن طريق وسيط أخر الذي لديه برايم بروكير. لكن هكذا نموذج لديه عيب ألا هو وجود وسيطين على طريق تنفيذ الطلب، الأمر الذي يؤدي إلى شروط تداولية غير منافسة.
نود أن نبدد تصور خاطئ ألا هو الحد الأدنى لقيمة الأحجام التداول في (ECN). Currenex عادتاً تفرض حجم الحد الأدنى 40000 من عملة الأساسية، على الرغم أن البنوك مستعدون لإستقبال مبالغ بقيمة 1000. نحن إتفقنا مع البنوك على قيمة بـ 10000 و طلبنا من Currenex لتنزيل لنا الحد إلى 10000. قمنا تمرير صفقات تجربية بهكذا مبالغ فلم نلاحظ أي أخطاء عند البنوك أو من قبل Currenex. في المستقبل القريب قد يتم تنزيل الحد إلى هذا الحد، أي أن فعلياً بين البنوك يوجد ميكروفوركس قانوني، حيث كل التداولات أوتوماتيكية، أما البنوك قدرة البنوك لتقليل الحد الادنى، لا تأثر عليهم مادياً.
نتمى أن تكون هذه المقالة مفيدة للقراء ، حيث أزاحت الستار عن مبدأ تنظيم عمل النماذج الجادة للوسطاء و محت الكثير من الثغرات في فهم الأمور في عالم الأموال الضخمةالم